قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
الجزء الأول (بحث)...كيف تقهر الشعور بالنقص في ذاتك ومحيطك الاجتماعي؟
الأستاذ كريم المحروس - 2004/12/09 - [الزيارات : 21849]

كيف تقهر الشعور بالنقص في ذاتك ومحيطك الاجتماعي؟

 

تتميز الشخصية السوية بقوة إرادة وصفاء روحي واستقرار نفسي .. خالية من الأمراض الذاتية والعقد السلبية في فعلها وانفعالاتها مع واقعها الخارجي . وهناك الكثير من الآثار التي تحث وتحض على تسخير هذه المميزات في البناء الاجتماعي . ولعل ابرز ما تتوجه إليه مقررات العقيدة ونصوص التشريع الإسلامي في الشأن التربوي : فكرة (الكمال الذاتي) ، والشعور بالشخصية وقوة مؤهلاتها في العلاقة بمن حولها .

 

ففي الآيات الكريمة :

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (1)

 

{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (2)

 

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ  . وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ  {قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ. وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }  سورة البقرة (3)

 

     هذه الآيات تؤكد على المكنة العظيمة للإنسان التي أودعها الباري عز وجل فيه ، وهى من العوامل التي تجعل من الفرد كائنا مميزا على غيره من المخلوقات ، كما أن في تكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان دليل على عظمة هذا الكائن ، مما يدعو ذلك لان يعتز الفرد بهذه المكانة ويزداد ثقة وقدرة في ذاته للوصول إلى الكمال بآلة العقل وبما أوضحته الشريعة من هدى ونور عكسته آثار أهل البيت(عليهم السلام) .

 

    فعن الأمام علي (عليه السلام )  قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ما من شيء اكرم على الله من ابن آدم  . قيل : يا رسول الله ولا الملائكة ؟ قال : الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر ) (4)

 

     وفي الحديث القدسي قال تعالى : (خلقت الأشياء لاْجلك وخلقتك لاْجلي ) (5)

 

      وعلى ذلك ، تكون بعض القواعد العقلية والشرعية دافعا لتجاوز كل ما يوقع الفرد في براثن مرض (الإحساس بالنقص) أو التصاغر أمام نظرائه من بني البشر فضلا عن المخلوقات عامة .  وهذا يستوجب بعث قوة في ذاته تتحدى أية عقبات قد تعترض طريقه ، ولا يمكن لهذه العقبات أن تطبع أثرا سلبيا دائما على وجدانه وفطرته ، وان أخذت منه بعض الشيء في حال من أحوال الضعف فإنه قادر على الإفاقة من جديد والسيطرة والعودة إلى الصفاء الروحي والنفسي في ساعة تفكر وتقييم للذات وتقويمها  . وهذه الحال من الانتصار على الآثار السلبية النفسية إذا ما وقعت  فإنها تزود الفرد بطاقة جبارة للوقاية وتجنب الوقوع في جحر مرتين.

 

     ولعل من اخطر الأمراض النفسية التي تغلب ضعاف الناس وتوجههم نحو الانحطاط والانعزال عن محيطهم الاجتماعي وتقصيهم عن كل النعم التي سخرها لهم ربهم ؛ هو الجهل بكنه الذات والهدف من وجودها في عالم الموجودات . وحينما يتفكر الفرد في الكيفية التي تمكنه من المواجهة والسيطرة على ذاته ومن مؤثرات المحيط الاجتماعي وبيئته يجد نفسه لا تطاوعه على تحقيق الغلبة أو الفوز أو التجاوز ، بل يشعر بوهن ذاتي لا يعينه على الوقوف بحزم وقوة لتحقيق الانتصار وتسخير ما حوله لدفع الذات إلى تحقيق صور الكمال . وهذه الحال خلاف المراد من الخلق المسخر في الطبيعة أيضا :

 

     {اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ} سورة إبراهيم (6) .

 

      ففي هذه الآية الكريمة تصريح جلي على إمكان القدرة والهيمنة البشرية وتسخيرها للسموات والأرض وما فيهما وما بينها وما تفرزه من ظواهر طبيعية وعلمية كالليل والنهار وغيره ، وليس من الحكمة أن يجد الفرد نفسه ضعيفا أو خاضعا للشعور بالنقص أمام هذا المحيط ، بل إن إرادة الباري عز وجل في تسخير هذه المخلوقات للإنسان فيها دلالة قاطعة على أن هذا المخلوق البشري يحمل مؤهلات الرقي والكمال أمام هذه المخلوقات حتى تصل به الحال إلى الانتفاع الكامل بالكون ومظاهره الطبيعية . وبالتقدير السليم لذاته ومعرفته بها أمام هذه المخلوقات الهائلة والعظيمة تجده يزداد ثقة وعزة ومنعة وقوة في داخله .

 

      وفيما يتعلق بالشعور بالاندفاع نحو الكمال بين بني البشر ، فهناك عوامل كثيرة تجعل من الفرد متميزا على غيره تحفزه وتدفعه نحو الانخراط في المحيط الاجتماعي بما يحمله أحيانا من صفات تباين واختلاف وتدافع وتمانع تزيد في التنافس الإيجابي، لكنه بحاجة ماسة للتقوى التي تشكل اعظم أبعاد التحريك السوي للوصول إلى درجات عليا من الكمال . وليست السيطرة والهيمنة على المخلوقات وتسخيرها هي المقياس لتمييز بني البشر ، كما أنها ليست العامل المثالي لغلبة إنسان على آخر . ففي الآية الكريمة المباركة قال سبحانه وتعالى :

 

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} سورة الحجرات (7)

 

     وقد تعتدي الذات الإنسانية على نفسها بأن تتطوع لتحط من قدر ذاتها وتتنازل عن قيمها العقلية وكل محرضات النصوص الدينية الإلهية ، فإذا بهذه الذات تجد نفسها صغيرة أمام كل من حولها من المخلوقات بما فيها من هم من جنسها . وتسوء هذه الحال حين يصل الفرد مع مرور الزمن إلى قناعة تامة وقطع بالعجز والقصور ، فيرى في الكمال نصيبا لكل شيء يجده أمامه ولا حض له منه في شيء ، ولا يرى في أفق ذاته إلا كتلة جامدة تسيرها الظروف المحيطة وقواها المادية والمعنوية .

 

    فعن الإمام علي (عليه السلام ) قال : (من جهل قدره جهل كل قدر ) (8)

وقال:  (هلك امرؤ لم يعرف قدره )  (9)

 

1-  صورة عقدة الإحساس بالنقص

أطلق علماء النفس أسماء أخرى على عقدة الإحساس بالنقص ، نحو (عقدة الإحساس بالحقارة)،(عقدة الإحساس بالضعة) ، (عقدة الإحساس بالضعف).

 

-         فالعقــــدة في معناها اللغوي : ما يمسك الشيء ويوثقه . والعقـــدة النفسية : هي اضطـــــراب نفسي ينشأ عن كبــت يـــؤدي إلى تصرفات شــاذة أو مستغـــربة (10)

 

     ويعرف المؤلفان ( كوران ) و( بارترج ) معنى العقدة النفسية بأنها : الوقوف أمام ( صراع المشاعر) وقوفا يسبب ظهور أعراض ناتجة عن عواطف مكبوتة . ويقول ( سارجنت ) : عند النظر إلى العقدة بمعناها الأضيق نجد أنها تعني : أجزاء مكبوتة لإحدى الخبرات المؤلمة بسبب صراع لم يتحلل . (11)

 

-         واما الإحساس فيعني : حس الشيء أو به : شعر به أو أدركه ( 12)

 

-         والنقــــص هو : القدر الذاهب من الشيء بعد تمامه أو ( طرأ عليه نقص في دينه أو عقله ) أو الضعف ، أي نقص العقل .(13)

 

 

    ولعل مثال مدير الشركة الخاسرة ينطبق على مثال العواطف المكبوتة والصراع النفسي الذي لم يتحلل . فمدير الشركة الخاسرة يرى نفسه أمام خيارين . فإما أن يعاقب متنفذيه وغيرهم لإهمالهم  ، وهو أمر يساعده على التخلص من التوتر النفسي الداخلي . أو يتقدم بالنصح والإرشاد إلى موظفيه وعماله ويؤسس لدورات تأهيل ، لأن الاستعاضة عنهم بغيرهم لا يراكم خبرات الشركة أو ينميها . فهذه الخطوة رغم أنها نابعة من النضوج العقلي ، إلا أنها بحاجة إلى عوامل تصريف لما اختلج نفس مدير الشركة من عواطف مكبوتة .

 

   ولا يرى علم النفس حلا للعواطف المكبوتة إلا بالتصريح بها أمام شخص آخر كما هي عادة كنائس القرون الوسطى وبعضها في عصرنا الراهن ، أو أنها قد تصرف بغير إرادة في حلم يراه الإنسان يصب فيه جام غضبه في عراك مع وحش من الوحوش الضارية أو سجان او رجل مخابرات خسر المعركة أمامه في نزال أمام حشد عام ، أو غير ذلك . بينما النظرية الإسلامية المبنية على عقيدة سليمة ترى أن الأمر يحمل في ذاته حلا قبل انعقاده . فحينما تكون نية الفرد خالصة للخالق ويكون الفرد عارفا بذاته وبخالقه حق المعرفة ، ويبادر دائما إلى التوكل قبل بذل أي جهد يرى فيه وسيلة لنيل رضا الباري عز وجل وخدمة عباده ، سواء في إطار الحي أو القرية أو المدينة أو البلد أو غير ذلك ، فعامل الخسارة - إن وقعت- لا تتولد عنه عواطف أو خبرات مؤلمة مختزنة. فيكفي أن يفوض الفرد أمره لخالقه ويقرن هذا التفويض بخطوات إيجابية مسؤولة مشحونة  بالأمل فيعيد الكرة من جديد مع تفادي عوامل الخسارة .

 

   { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (14)

 

    وعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قال : ( خصلتان ليس فوقهما من البر شيء ، الإيمان بالله والنفع لعباده ، وخصلتان ليس فوقهما من الشر شيء ، الشرك بالله والضر لعباد الله )  (15)

 

2 - بين العقدة النفسية والشعور بالنقص

      يولد الفرد وفي ذاته كل مؤهلات التكامل ، وهو بحاجة لسنوات من الخبرة والإثارة العقلية النظرية والعملية يكتسبها من تطور علاقته بخالقه ومن تفاعله بالمحيط الذي ينتمي إليه ليصل إلى درجة يكون فيها أحد المتصرفين في شؤون ذاته الخاصة وفي محيطه البيئي والاجتماعي  .

 

       وهنا يرد الخلاف بين العلماء الإنسانيين والإسلاميين حول العوامل المثلى في إنماء قدرات الفرد بحيث يتجرد عن كل المشكلات والعقد النفسية . فيرى الانسانيون أن بناء الفرد يأتي عبر مسؤولية تبني الدولة لمجموعة مناهج قائمة على أسس من العقل والتجريب وبعض من السلوكيات الروحية التي تساهم في تقريب الحقيقة والواقع كمنطلق أولى أساس . بينما يتجه الإسلاميون إلى أهمية إيصال الإنسان بمعرفة ذاته وعلوم عقيدته وخبراتهما التي تراكمت منذ خلق الكون وليس منذ خلق الإنسان فحسب ، لان خلق الكون جاء قبل خلق الإنسان .

 

     ويعد التفسير العقائدي الذي يوضح طبيعة النقص في النفس البشرية وحاجتها الضرورية لخالقها هو التفسير الحقيقي للنفس البشرية . فالفرد يعاني نقصا لكونه خلق من عدم . ( إننا مجبرون على أن نولد ومجبرون على أن نموت.. نحن مجبرون على أن نبعث وان نحاسب على أعمالنا ، وان نساق إلى الجنة أو إلى النار وفق هذا الحساب العادل المحفز .. إننا مجبرون على أن ننتمي إلى هذا الإقليم  أو ذاك ...مجبرون كذلك على أن نخضع لمتطلبات حياتنا البيولوجية والحسية ، وعلى أن نتقلب في تجاربنا النفسية بين الحزن والفرح والغم والانشراح والخوف والطمأنينة، والتمزق والتوحد ... والمساحة المتبقية لممارســة حريتنا إنما منحت لنا لتمييزنا عن سائر خلق الله وتفضيلنا على العالــمين ) (16)

 

     إذا الشعور بالنقص بين مفاهيم العقيدة لا يعد مرضا نفسيا بل أمرا طبيعيا تكمله الإرادة والعقل حيث أودعه الباري عز وجل في الإنسان . فبهما يسعى الإنسان لتحسين قدراته وتنميتها ، وبالإحساس بالنقص تنمو حوافز التحريك نحو إيجاد أنجع الحلول لرفع النقص  . فمن يجد نفسه بحاجة للماء والغذاء ، ذلك يحفزه نحو بناء السدود وإصلاح الأراضي وزراعتها وغير ذلك.

 

     ويرى الإسلام أن الشعور بالنقص يكون إيجابيا حين يكون مرتبطا بالعلاقة الله سبحانه وتعالى . حيث يسعى الفرد إلى تصعيد نشاطه العبادي سواء في سلوكه تجاه ربه أو تجاه المخلوقات لأنه يعلم بأن هذا النشاط مهما بلغ من مستوى في الخضوع والطاعة فانه لن يصل إلى عبادة الخالق حق العبادة ، لذلك يقصد عبادته بأقصى الطاقات والجهود . فهذه الحال في نظر الإسلام صحية وليست مرضية أو سلبية .

 

    ولكن حين يتحول الإحساس بالنقص إلى عقدة نفسية لها مدخل في علاقة الفرد بذاته وبمحيطها، فهي تعد مرضا يشعر بسببها صاحبها بعدم الاتزان النفسي وتخبط في السلوك ، وقد لا يشعر بذلك في بعض الأحوال التي يغلبها جهل مركب فيدعي سلامة مواقفه وتفكيره .

 

    فالإنسان الذي يدخر طاقاته وجهوده ويغلبه الكسل والجمود في مواجهة الصعاب وعقبات الحياة ولا يرى في التدافع و التحديات باعثا لبناء موقف إيجابي لقهرها ؛ فمصيره في اغلب الأحيان الفشل الذريع والقاتل. وقد يصل به الأمر إلى الشعور بالذنب أو عدم الثقة في ذاته وما حولها . فتتولد لديه خبرات مؤلمة مكبوتة تثير في نفسه الضعة والحقارة .

 

    فتجد بعض المصابين بهذه العقدة وقد انعزلوا عن المجتمع خوف التحديات . وقد يعتزلون  الحياة ويفضلون الاعتكاف بعيدا عن مسببات التوتر . وقد يكون ذلك  لاتجاهين :

 

أ‌-       يرى في ذاته إنسانا متقدما على المجتمع في جميع مناحي الحياة . فهو العالم ، وهو العاقل ، وهو الأقوى ، وهو القائد الضرورة ، ولذات السبب يجد في المجتمع مخلوقات لا تستحق الحياة لانها لا تمتلك عقلا يتفهم معطياته ويتفاعل معها. ويشير القرآن إلى ذلك في قصة فرعون واستكباره .

 

ب‌-  أو يجد في المجتمع مخلوقات لا يمكن مجاراتها أو حتى الاختلاط معها ، فلا يرى في ذاته إنسانا نظيرا للمخلوقات التي على شاكلته ، خلاف قول الإمام علي ( ع) : (الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في  الخلق )  .

 

     (فالمصاب بهذه المشكلة يتصور انه افضل الناس جميعا ، فهو في الرياضيات أذكى من ( فلان ) وفي الشعر ابرع من (فلان) ، وفي القانون اعلم من (رئيس المحاكم) ، وفي الطب اعرف من (المختصين) .. ولا يكون متزن السلوك لانه يندفع كل الاندفاع في سبيل الحصول على التقدير والاحترام كأنه يريد أن يشتري انتباه الناس وعطفهم .. أو انه ينسحب انسحابا تاما من المجتمع . أي فيه درجة هائلة من (حب الذات) .. في الوقت الذي يعترف صاحب (الشعور بالنقص) بنقصه ويؤمن بحدود إمكانياته ، ويحاول أن يصلح وضعه قدر استطاعته ..) (17)

 

      وإذا ما أردنا البحث عن عقدة الشعور بالنقص كحال مرضية تتصف بها بعض المجتمعات البشرية ، فالمقارنة بين مجتمعات عاشت تحديات متشابهة قد توصلنا إلى مظاهر هذه العقدة ، كما هو الحال في المثال الذي نجده في الكثير من أدبيات النهضة : فالحربين العالميتين الأولى والثانية أسفرتا عن استعمار دول كبرى لأخرى . وألمانيا واليابان والدول الإسلامية الأخرى استعمرت من قبل دول الحلفاء لعشرات السنين . لكننا نجد المجتمع الألماني والياباني قد فاقا في عطائهما الاجتماعي والاقتصادي دول الاستعمار نفسها . ولازالت اليابان تسجل عجزا اقتصاديا في الميزان التجاري الأمريكي قدره 25 % ، وتقف الولايات المتحدة عاجزة أمام الصادرات اليابانية ، وهكذا بالنسبة للعلاقات الاقتصادية اليابانية مع دول العالم برغم كون اليابان جزرا تعاني شح الأراضي الزراعية وتغلبها الزلازل ولا تمتلك ثروات أرضية كالنفط وغيره  . وعرف عن اليابان أنها خرجت من الحرب مستسلمة ومهزومة بعد إلقاء الولايات الأمريكية قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناكازاكي، وقتل بسبب هذه الحرب والتدمير النووي اكثر من ثلث الشعب الياباني .

 

     من جهة أخرى استعمرت بلاد المسلمين ، ولم تتعرض لهزائم شديدة في حروب طاحنة ، إلا أن هذه البلاد لازالت تعتبر من البلاد المتخلفة أو ما اصطلح عليه ببلاد العالم الثالث . وتجد من بين مبررات التخلف أن بلاد المسلمين كانت تعيش تحت وطأة المستعمر . فهل يختلف استعمار اليابان عن استعمار بلاد المسلمين؟

     إن الشعور بالنقص قد ضرب إطنابه في أعماق بلاد المسلمين ، فلا تجد إلا تبريرات ومواقف سلبية تلقي بالتبعات على الاستعمار ومخططاته وما نتج عنه من أنظمة سياسية واجتماعية واقتصادية متخلفة . وهذا ما أطلق عليه في علم النفس بـ ( التعويض السلبي ) أشار إليه المفكر الجزائري مالك بن نبي بـ ( القابلية للاستعمار ) . فاليابانيون عوضوا نقصهم وما نجم من أثار الحرب بعطاء وجهود وتضحيات كبيرة لاعادة البناء على جميع الصعد برغم توقيعهم لعقد الاستسلام وقبول استعمار أمريكا لبلادهم ، ومعالجة أثار الهزيمة بتحقيق نصر يعيد لهم الثقة في ذواتهم ، أي اتخذوا من الهزيمة باعثا على استثارة كامن ذواتهم وما تحوي من طاقات خلاقة .

 

    واما بلاد المسلمين فقد أخذت ترثي لنفسها وأحوالها وتأسف على هزيمتها ومعاركها السياسية والعسكرية الفاشلة ، وكأن الهزيمة نهاية لماضيها الحضاري ومستقبلها برغم توافر تلك الإمكانات البشرية والثروات النفطية وغيرها التي لم يحض بنعمها أي بلد من بلاد العالم فضلا عن التاريخ الحضاري المجيد الذي لا تفنى عطاءاته الثقافية في أيه مرحلة حاضرة ومستقبلية ، إلا انك تجد حال التخلف وكأنها قدر لا يمكن السؤال لرده .

 

 

مظاهر الشعور بالنقص

   هناك مظاهر متعددة لعقدة الإحساس بالنقص ، ومتداخلة في أحايين كثيرة ، ذلك أن العقد النفسية متشعبة التأثير ومتنوعة الأسباب. والناس ليسوا أفراد متساوون أو متشابهون في استجاباتهم للمؤثرات المحيطة حتى نتمكن من وضع قانون عام ينطبق على جميع مصاديق أفراد البشر . ولذلك فالمظاهر في هذه العقدة ليست واحدة . وتجتمع بعضها في شخص واحد فيصاب بهذه العقدة . وقد يبرز فيه مظهر واحد من هذه المظاهر المتعددة لنتمكن من الجزم  بإصابته بهذه العقدة . واما من حيث الفترة الزمنية التي تجعل من عقدة الإحساس بالنقص مرضا يتطلب التدخل لعلاجه فهو نسبي أيضا ، وقد يصاب المرء بهذه العقدة في ظروف محددة دون ظروف أخرى. وقد يهاب شخص شخصا آخر لنقص ولكنه يمتلك قوة تحريك تجعله شخصا مميزا بالثقة أمام جمهرة من الناس في حال آخر.

 

  من هنا يختلف المتخصصون في تحديد مظاهر عقدة الإحساس بالنقص . فتجد بعضهم مثلا ينسب ظاهرة  التكبر إلى عقدة الإحساس بالنقص ، لكون المصاب بها يسعى للتعويض عن النقص بالتكبر على الآخرين أو يقصيهم عن أداء وظائفهم المؤهلين لأدائها ، بينما نجد متخصصين آخرين يجعلون منها عقدة مستقلة تناظر العقد النفسية الأخرى ، ولها مظاهرها وأسبابها ونتائجها .وقد ترجع الأسباب عند اختلاف المتخصصين في تحديد العقد النفسية واسبابها وطرق علاجها إلى نظرتهم للنفس البشرية في كونها مخلوقة لهدف محدد وفق منهج يحدده الإنسان نفسه أو يحدده خالقه .

 

   فالاتجاه الإسلامي يرجع الأمور كلها إلى معرفة الذات وخالقها وماهية الحياة ووجودها والهدف منها في نظر الإنسان. ففي الآية الكريمة من سورة الإنسان : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}

 

 وفي سورة الجن : { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا} .

 

     فان كان الفرد يهدف مرضاة الله سبحانه وتعالى وعبادته ، فان مقياس الأمور متعلق بمدى سعيه لتحقيق هذا الرضا ، فيرى في الأمراض والعقد النفسية نتيجة لبعده او قربه عن الباري عز وجل وتكاليفه ، بينما يرى المتخصصون الانسانيون في العوامل المادية سواء البيئية أو الوراثية أسبابا رئيسية ليس فوقها أسباب . من هنا تختلف وتتعدد مظاهر عقدة الإحساس بالنقص ، ولكننا سنحاول هنا جاهدين ذكر أهم هذه المظاهر :

 

1- الحساسية المفرطة

      يشترك المنافق مع المصاب بعقدة الإحساس بالنقص في عامل مشترك متعلق بالحال النفسية . فيقول الإمام علي (عليه السلام) : ( نفاق المرء من ذل يجده في نفسه ) (18)

 

       فالمنافق يظهر خلاف ما يبطن لظروف يراها قاهرة أحيانا لم يشأ الإيمان بها أو مواجهتها لضعف ، ولا يجد حلا إلا بالمسايرة الظاهرية ولكنه يكن العداء لها . بينما المصاب بعقدة الإحساس بالنقص لا يمارس هذا السلوك ، ولكنه يشترك مع المنافق في شدة الحساسية تجاه من حوله .

 

     والمنافق يخاف أن يفتضح أمره، بينما المصاب بالداء النفسي يتصور أن الكلام السلبي في أحاديث الآخرين موجه ضده للنيل منه . ويعبر القران الكريم عن هذه الصفة بقوله :

 {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (19)

 

     فحينما يستمع المصاب بعقدة الإحساس بالنقص لخطاب لزميل له أو يقرأ مقالا أو حوارا له فانه يتتبع كلماته بعمق وتركيز شديدين ومن ثم يرصد ما يتشابه أو يلتقي بما يشعر به ، ويحاول أن يجد الكلمات أو الوصف القريب مما يعانيه داخله من نواقص أو غير ذلك ، وبعد لحظات تجده وقد احمرت وجنتاه أو سالت منه بعض الدموع إما لتوتر أو لغضب أو خجل . وعند انتهاء زميله من الخطاب أو الحوار أو المقال تجد أن العلاقة قد ساءت وتوترت ووصلت القلوب الحناجر ، وربما يفصح المريض نفسيا بان زميله قد فضحه أو تدخل فيما لا يعنيه أو باغته في أمر أو عانده وحاربه ، فيكن له العداء .

 

    وقد يبذل الفرد جهودا جبارة في سبيل إنسان آخر بغرض كسب كلمات استحسان أو شكر أو تقدير منه ، ولكنه حين يجد منه إهمالا لأسباب ربما تكون غير متعمدة ، تجده وقد رثى لنفسه ، فيتوقف عن العطاء للآخرين بحجة أن الناس لا يستحقون خدمتهم وبذل جهد في سبيلهم .

 

     وحكي أن بناء استدعي لتوقيع عقد بناء أحد المنازل ، ولما انتهى من بناء نصف المنزل جاءت زوجة صاحبه لمتابعة سير البناء . فلما وصلت إلى مطبخ المنزل أبدت وجهة نظر للبناء حول المواد المستخدمة في صناعة خزائن المطبخ . وبعد ساعات قليلة جاء صاحب المنزل ليؤكد على أهمية إنهاء بناء المنزل خلال المدة المتفق عليها في عقد البناء . فما كان من البناء إلا أن أمر عماله بإيقاف العمل والرحيل إلى منازلهم . وحينما أعرب صاحب المنزل عن استغرابه لهذا التصرف ، قال البناء وهو غاضب :  لماذا لم تخبرن بادئ الأمر بأنك غير واثق من مقدرتي وكفاءتي على بناء منزلك ؟

       هذا الموقف يعبر عن ضعف في ذات البنّاء ، ففي اصل الأمر أن البناء غير واثق في نفسه وفي

قدرته على إكمال بناء المنزل على افصل واكمل وجه أو لسبب آخر يحتفظ به لذاته ، بينما موقف الزوجة وصاحب المنزل كانا عاملين في بروز الحقيقة إلى السطح . وكان الأنسب أن يعبر البناء عن غضبه إن لم يقدر على المحاورة والمشاورة . ولكن الأمر لا يستدعي التوقف عن البناء . فروح التغلب على عقبات الطريق وتقبل النقد لم تجد لها مكانا في نفس البناء.

 

     فالفرد الذي يصاب بعقدة الإحساس بالنقص وان كان قادرا وكفء ، غالبا لا يمتلك تحمل النقد وان كان في موضعه السليم .

 

2- الكذب والتواني

    يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : (لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه عليه ) (20)

    وعن الإمام علي ( ع) : (قرنت الهيبة بالخيبة) (21)

 

     يذهب المعقد بالإحساس بالنقص في أحيان كثيرة إلى خلق هالة من التعظيم حول ذاته وعطائها العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي ، فيجد نفسه شخصا مهما يهابه الجميع ولا يرقى أحد إلى منزلته . وحين يجد نفسه محرجا أمام أمر كاشف لحقيقته وحجمه الحقيقي ، فهو يسعى للتهرب أو الخروج من هذا الموقف منتصرا أمام الآخرين بأي شكل أو بأية طريقة ، لكنه يجد في نفسه انهزاما يضمره لا يفصح به أمام منافسيه . فالكاذب يتعمد الكذب حين يجد في نفسه ضعفا لا يحتمل تبعات مصارحته ، وقد يضطر للكذب لان الحقيقة لا تروق له ، وفي نفس الوقت لا تثير هذه المواقف في نفسه بواعث للتغيير إلى الأفضل والأحسن .

 

     وذكر أن شخصا كان له صديق في قرية بعيدة ، يزوره حين تضيق به سبل المدينة وضوضاؤها ، فيتنزه ويعبر بساتينها ويفصح عما في داخله من مكبوتات إلى صديقه من آلام وتحديات اعترضته خلال الكفاح من اجل لقمة العيش في المدينة . ومن جهته كان الصديق القروي يحكي لصديقه المديني نجاحاته ومنجزاته العظيمة في مقاومة ظروف الطبيعة القاسية في القرية ، فالمطر لا يهطل إلا قليلا والزراعة لا تنمو ، ومدخول القرية لا يكاد يطعم أهلها . لكن الصديق القروي يحكي في نفس الوقت عن محصول عظيم لفت انتباه الحكومة ومسئوليها ، فاضطروا على الأثر إلى توقيع عقد وصفقة شراء لمحصوله على مدى عشرين عاما . واما المزارعين الآخرين فهم يحجون يوميا إلى بيته لتلقي نصائحه في فن الزراعة وسبل قهر الطبيعة .

 

     وحدث أن حصل الصديق المديني على بعثة عمل مؤقتة إلى قرية صديقه في إحدى مؤسسات الزراعة التابعة لوزارة الري والإعمال التي يعمل بها . وفي بادئ الأمر طلبت منه المؤسسة إعداد دراسة ميدانية حول سبل قهر الظروف الصعبة للطبيعة وفن إنماء الزراعة وتطويرها . وكان هذا الأمر مفرحا بالنسبة إليه وباعثا على اللجوء إلى صديقه القروي ، لكنه اكتشف أن مزرعة صديقه  اكثر انحطاطا من غيرها ، وان الهيبة التي تحدث عنها هذا الصديق من قبل ليست إلا سرابا وكذبا لا حقيقة .

 

3- الصراع النفسي والانعزال

      الإحساس بالنقص يولد تراجعا نفسيا مستمرا (فالصراع كما كان يعرفه فلاسفة القرن السابع عشر : هو التصـــادم بين سلطان النفس على الانفعالات .. وسلطان الانفعالات على النفس )(22) . والمعقد بالإحساس بالنقص تتنازع في ذاته الانفعالات ، فان كان صاحب نظرة عقلية أو شرعية إيجابية فانه يبذل طاقته لتسخير هذا الصراع نحو إعادة بناء النفس بعد اكتشاف ضعفها . وان كان صاحب نظرة سلبية مجردة فهو يزداد مرضا واضطرابا وعذابا وربما انهيارا تاما . فعن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام) : (من ساء خلقه عذب نفسه ) (23)

 وعن الإمام علي (عليه السلام) : (سوء الخلق نكد العيش وعذاب النفس ) (24)

  وسئل الإمام علي ( عليه السلام) عن أدوم الناس غما ،فقال : ( سوء الخلق ) (25)

 

      هذا الصراع النفسي يجعل من الفرد كتلة من الهم والغم فلا يلتفت إلى من حوله من أهله وصحبه وأقرانه ، فهو مشغول بمعركة خاسرة سلفا على الصعيد المعنوي والمادي ، ذلك يؤدي به إلى الانعزال والانطواء على ذاته ، لا يفكر في الخلاص بل يجد نفسه اقرب إلى الاستسلام ، لا إرادة له . ولا تجده قريبا حتى إلى اقرب المقربين له لان ذلك يثير فيه زيادة الإحساس بالنقص حيث يؤمن أن الآخرين اكثر منه كمالا إلى درجة لا يمكن اللحاق بهم أو مناظرتهم . فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( الرجل يجزع من الذل الصغير فيدخله في الذل الكبير ) (26)

 

     فربما يبدأ الإحساس بالنقص بعامل صغير جدا لا يترك أثرا سلبيا على النفس ، لكن الفكر السلبي يضخم هذا العامل يوما بعد يوم . فتجد المصاب وقد رسم أبعادا مختلفة ومقدمات ونتائج مبنية على هذه الأبعاد ، فيزداد ضعة ونقصا ، وعلى الأثر تنمو عوامل هذا المرض باختلاقات يسطرها المصاب ذاته .

 

يتبع لاحقاً...... الجزء الثاني

 

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م