قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
تغطيات صحفية
 
بين التطوير والاندماج في المجتمع,المؤسسة الدينية التعليمية لم تستوعب الواقع الإجتماعي الذي صنعته
كريم المحروس ..جريدة الوقت - 2007/11/11 - [الزيارات : 4532]

بين التطوير والاندماج في المجتمع
المؤسسة الدينية التعليمية لم تستوعب الواقع الإجتماعي الذي صنعته

العدد 627 - الجمعة 29 شوال 1428 هـ - 9 نوفمبر 2007
كريم المحروس

كانت المؤسسة التعليمية الدينية مستشعرة لفكرة الاندماج في المجتمع من بعد العزلة التي فرضها الاضطراب السياسي وانتشار التعليم المدني، وكأن الطالب حينما ينتسب إلى هذه المؤسسة فإنه يلج عالما آخر تتطلب مقدماته بذل الجهد الكبير الاندماج في عاداته وطرقه وتقاليده، وحينما يتخرّج عن دائرة الدراسة في هذه المؤسسة فإنه يجد نفسه أمام تحدّ كبير يتطلب منه بذل جهد فكري ونفسي كبير
للاندماج مع هذا المجتمع. وإما على صعيد التفاعل مع التحولات الدولية في الشأن الثقافي الحضاري، فإن منهج الدراسات الدينية قد خلا مما يدعو إلى الاندماج في العطاء الثقافي والعلمي الإنساني أو دراسته واقتباس ما تتقبله الشريعة، كما أن المنهج يخلو من دور أو سبل لهضم العلوم الخارجية أو جرّها إلى حيث العلوم الآلات المساهمة في تطوير وتجديد الموروثات العلمية المقتبسة عن المؤسسة
التعليمية الدينية على خلاف الإسلام الذي تفاعل مع عطاء الحضارات المختلفة في قرونه الأولى وترجم عنها الكثير وأعاد صياغتها وفق متطلبات الشريعة ومفاهيم نصوصها، لأن الدين يمتلك مقوم صهر وإذابة الحضارات ونتاجها لاستخلاص النافعمنها.


ولأن الحديث عن مناهج التعليم الديني يراد به السعي إلى كسب العلوم بما يقيم ذهنية فاعلة ووجدانا حيويا يعكسان آثارهما الحضارية على المجتمع، وإن تلك الوسائل والأساليب سواء العلمية منها كالعلوم المساعدة أو الآلية منها فضلا عن الفنية؛ هي ما كان يهيئ للطالب تلقيه المادة العلمية على أحسن وجه؛ فلا تتحصل بحفظ النصوص والألفاظ والمصطلحات واستنساخها والتعليق والتهميش والتفريع عليها فحسب، إذ أن الطالب لا يدخل الحوزة أو المدرسة لكونها جزيرة معزولة عن الدنيا، إنما يتأهب فيها لكسب الخبرة التي تلزمه بعد تخرجه، فهي مرحلة من مراحل حياته الفردية والاجتماعية لا تنفصل ولا تتجزأ عنها. فليس من الحكمة تعلّم منهج شريعة
أو منهج هداية يقصد به الفرد باعتباره كائنا منفصلا عن المجتمع، وإنما الصحيح والمفيد أن تؤخذ الشريعة والعلوم وتكسب الأخلاق والأذواق من قبل طالبها باعتباره عضوا حيويا في بنية حية وكيانا متكاملا الأبعاد يمثل فيه ركنا من أركانه، ويعيش في هذا الكيان الذي يضمّه ويشمله عضويا، ولا يكون قصده من وراء كسب العلم في إطار المناهج أن يتأمل في المعيشة ويتخذ منها تحقيقا ودراسة
باطنية فلا تبدو آثارها ومنافعها ظاهرة وقاصدة لمصلحة المجتمع والعالم الكبير. وإذا ما عصت الدنيا بمخمصة أو كارثة فإن ذلك من دواعي النظر والفحص والتقييم والتقويم لا الانعزال في أروقة وزوايا الدوائر التعليمية. التفاعل مع العطاء العلمي إنّ وقائع حركة التعليم عموما فيها من الأبحاث ما اتسم بالإبداع والتطور مما لا يمكن غض الطرف عنها أو تجاهلها. وهناك معطيات علمية مستجدة تشهد في كل يوم تحولا وإصلاحا وتجديدا وتقدما وإبداعا كبيرا في المنهج، وتختلف اختلافا كليا عن صور المنهج القديم للمؤسسة التعليمية الدينية، ولا ضير في إبقاء منهج الدراسات الدينية في ديمومة حركية متطورة ومتجددة. وحاجة المجتمع إلى الطالب الذي يستقي علومه من المؤسسة التعليمية على منهج حديث تتطلب منه أداء أدوار منهجية جديدة، من نحو اختصار الفترة الزمنية التي عادة ما تصرف بغير اتزان وانضباط علمي يأخذ في الاعتبار الحاجة الملحة لعالم الدين المجتهد فضلا عن الإمكانات المرصودة، إضافة إلى أن الطالب بحاجة ماسة في عالم اليوم إلى التفاعل مع العطاء العلمي الحديث في مجالات البحوث والدراسات والتحقيقات والإطلاع على مستجداتها يوما بعد يوم. كل ذلك يتطلب زمنا إضافيا ربما يستغرق مدة تضاهي ما استغرقته مرحلة دراسته وتحصيله العلمي في المؤسسة التعليمية الدينية ولكنها تمثل استمرارية في طلب العلم في مرحلة عطائه وتبليغه الرسالة في المجتمع لا بعيدا عنه، لأن المجتمع ذاته يمثل مدرسة الواقع وموضوعا للتحصيل العلمي والخبرات، ومن ثم يأتي دور المنهج العلمي الحديث في الدراسة لينظم هذا الزمن ويضع الأمور كلها في نصابها بلا إسفاف أو تبذير أو تضييع للفرص. ولعل الظاهرة المثيرة للجدل في هذا الشأن هي أن الطالب بعد تخرجه من المؤسسة التعليمية الدينية يظل منشدا إلى الأجواء التعليمية التي أمضى بينها عمرا طويلا ليستقي خلالها مادته العلمية، وقد يستسلم أو يخضع لهذه الأجواء الرتيبة في أغلب الأحيان، وربما لا يجد للتفاعل والتحصيل العلمي مكانا إلا بين أروقة وزوايا مدرسته الدينية مع حنين للانعزال عن المجتمع عوض الاختلاط به أو العيش في أوساطه، ربما لخشية من نتائج تقييمه لذاته أو
تقييم الآخرين لما قدم من رأي أو بحث أو دراسة أجراها خلال مراحله التعليمية بين زملائه، لأن المناهج التعليمية القديمة لها صيغتها المميزة في صنع بيئة استقطاب طبقي وغير محفزة على النظر في الوقائع الاجتماعية بحيوية وبعلمية مجديتين تمهيدا لمشروع متكامل الأبعاد في شأن الدعوة والتبليغ. إصلاح المناهج القديمة إن المؤسسة التعليمية الدينية لم تتحمل في جهد موحّد مهمة إصلاح أو إعادة صياغة المناهج وتطوير طرق تدريس المواد المقررة والضوابط التي يستوجب أن تعتمد لإخراج المؤسسة التعليمية الدينية إلى حال من التفاعل مع النص والواقع في إطار أهداف كانت مرسومة سلفا في التراث الديني، وبناء استراتيجية مناسبة في ميادين التعليم تحمل على عاتقها رفد الأمة بما يتناسب من مراجع ومجتهدين ومرشدين ومبلغين. فعلى الرغم من دخول بعض التعديلات على المناهج في عصرنا الراهن إلا أنها لم تنهض لتحقيق ذلك المستوى من الإنجازات الواجب قيامها انسجاما مع الإمكانات المعنوية
التي وفرها النص الديني والمادة التي أشرك النص في توفيرها بين عامة الناس. وهنالك مشكلة حقيقية في المؤسسة التعليمية الدينية ملفتة للنظر ‘’منها ما يتعلق بالمناهج وتضاربها ومنها ما يتعلق بالأهداف التربوية للعملية التعليمية ، وإمكان الاستفادة من الإنجازات الحديثة في هذا المضمار بما لا يتعارض والبناء التربوي للشخصية المسلمة’’ (مجلة الجامعة الإسلامية،ع,1 كانون الثاني .1994
ص207). وأما على مستوى النتائج المستخلصة من الوظيفة التعليمية؛ فالمؤسسة التعليمية الدينية في جهة الخريجين لا تستطيع توفير خريجين بمستوى الاجتهاد في الكثير من الدورات العلمية، فقد يمضي على المؤسسة التعليمية جيل كامل تصل فيه النتائج التعليمية إلى تخريج مستويات علمية في شأن غير الشأن الذي من أجله وضع منهج المؤسسة التعليمية. وأما عن المقارنات بين الصفة التي يتحملها الخريج ومدى انطباقها على مستواه العلمي فالأمر يظل منوطا بقرار الخريج ذاته من دون قرار من جهة علمية إدارية متخصصة تعين المستويات، فهنالك ‘’من لم يتمكن من حل شبهة عقائدية تدور في مخيلة إنسان عامي ضعيف، ولم يقدر على حل معضلة اجتماعية مستفحلة، وإن انتقدهم أحد كفروه ، وإن واجههم إنسان ضعفوه’’ (ن. م. ص212-222).  كل ذلك يدعو إلى ضرورة إصلاح وتجديد المناهج القديمة لأن المناهج من طبعها وخصائصها الحركة والحيوية والتطور والحداثة، وذلك بواسطة ‘’إعادة كتابة المواد العلمية المقررة في مرحلتي المقدمات والسطوح بأسلوب علمي يقوم على الوضوح في التعبير، والشمول لأطراف وأبعاد الفكرة موضوع الدرس، وبشكل يربط بينها ربطاعضويا، ووفق منهج تربوي. والاقتصار في البرنامج الدراسي بهاتين المرحلتين على
ما له علاقة بتخصص الطالب الفقهي، وذلك بحذف ما ليس له علاقة، وإضافة ما له علاقة، وبخاصة مما جد من أفكار وآراء’’ (ن. م. ص193- 204) . كما أنه لا بد من ‘’إدخال دراسة العلوم الطبيعية والنتائج التي وصلت إليها وآثارها الاجتماعية، ودراسة التكنولوجيا، لأنها تؤثر في حياة الناس. وأن تتحرر من سلطان الأقدمين. وأن يكون دارس الدين دارس مجتمع لا دارس كتب. وأن يكون عالم دين محررا للعقول من أغلال الجهل’’ (ن. م. ع1 كانون الثاني.1994 ص,210 ندوة احمد زكي بدوي). فأهمية إعادة النظر في المناهج والوسائل التعليمية القديمة وإصلاحها بما يتناسب ومتغيرات الزمان؛ تكمن في كونها أساسا من أسس أية جهة تعليمية حملت على عاتقها مسؤولية بناء المجتمع وجعل حركة الدين في مسارها السليم المؤدي إلى القيام الحضاري الذي يعزز من ارتباط المجتمع بخالقه وينمي فيه نظم حياته بما يضفي عليه من سعادة الدين وحيويته. فالمؤسسات التعليمية الدينية مراكز حيوية كانت مؤثرة في التاريخ الإسلامي وناطقة باسم الدين الحنيف، وعليها الاقتراب المنظم من المجتمع في إطار منهج اجتماعي علمي يهيئ للمؤسسة التعليمية موضوعاتها والوقائع التطبيقية لنظرياتها. ومن خلال عقد المقارنة بين واقع هذه المؤسسات ومناهجها ووسائلها وما كان يستوجب عليها من دور تؤديه لصالح المجتمع، وبين متطلبات الواقع المعاش والوقائع المعاصرة؛ نستطيع أن نقطع بأن هذه المؤسسات بمناهجها ووسائلها كانت في مرحلة تاريخية مضت تمارس دورا رياديا كبيرا يلبي حاجات ومتطلبات المسلمين في وقت كان العالم يئن تحت وطأة ظلمات العصور الوسطى وبما كان لها من دور وحشي وخرافي في تفسير العلاقات الإنسانية. لكن المؤسسة التعليمية ذاتها لم تستطع منذ أكثر من قرنين أن تستوعب الواقع الاجتماعي الذي صنعته أو تفاعلت معه من قبل.

- باحث بحريني 
 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2025م