أكثر من 14 ألف أجنبي يحتلون مجمع 302 في النعيم شارع صعصعة بن صوحان... حيٌّ تحوّل للآسيويين في المنامة
النعيم - عبدالله الملا
القشعريرة تنتابك حين تمر على ذلك الشارع، تلتفت يميناً وشمالاً في أزقة ملأها الآسيويون...
في يوم الجمعة الموافق 15 من يونيو/ حزيران الماضي كان الموعد مع شارع صعصعة بن صوحان الواقع في مجمع 302 في منطقة النعيم. آسيويون ينسلون من كل حدب وصوب، بعضهم تأزر بخرقة، وآخرون نسوا الجزء العلوي من أجسادهم فتركوه عارياً تصهره حرارة الشمس! دوي كدوي النحل يصم الآذان، وكيف لا يكون هذا الدوي بهذه القوة وهناك ما يربو على 14 ألف آسيوي نزلوا إلى الشوارع وتجمهروا مع خلانهم من المناطق الأخرى ليطوقوا هذا الشارع ويعلنوها صريحة «ممنوع المرور»؟!
رئيس لجنة البيوت الآيلة إلى السقوط بمجلس بلدي العاصمة وممثل الدائرة صادق رحمة لديه إحصاء آخر عن تعداد الآسيويين في مجمع 302 في النعيم، إذ يقول: «صحيح أن الإحصاء الرسمي يشير إلى أن عدد الآسيويين في هذا المجمع يصل إلى 14 ألف نسمة، وعدد السكان المحليين يبلغ 4 آلاف نسمة، إلا أنني أرى أن هذا الإحصاء غير دقيق، وخصوصاً أن الآسيويين في هذه المنطقة تنقلوا كالبدو الرحل، إذ لم يغيروا عناوين سكنهم مما يؤكد وجود خلل في التعداد الرسمي».
وأضاف رحمة بأنه «بحكم وجود الآسيويين بهذه الكثافة، بدأت المنطقة تأخذ طابعاً آسيوياً في كل شيء... فالأسواق شبيهة إلى حد بعيد بأسواق الآسيويين، بل إن لديهم أسواق مستقلة تتعلق بكل جنسية على حدة، إضافة إلى تجمهر أعداد كبيرة منهم يوم الجمعة، حتى أنهم يطوقون بيوت الأهالي ويسدون الطرق والأزقة».
ويشير إلى أن الأهالي الساكنين على شارع صعصعة رفعوا شكواهم من هذه المشكلة التي تضايقهم، وخصوصاً النساء، إذ يصبح من الصعب عليهن الخروج وسط أكوام من البشر المحدقين بكل مكان... «شرطة المجتمع غافلة عن هذه الظاهرة، فهل من المعقول أن نسمح بتجمهر هذه الأعداد الهائلة، فالتجمعات تعوق الأهالي وتعوق الحركة المرورية، ولا نبالغ حين نقول إن الآسيويين يحتلون شارع صعصعة يوم الجمعة».
أسواق لا يُرى فيها بحرينيون!
فتحت الأسواق أبوابها، وأوقف أصحاب البرادات والفرشات حجابها... خضراوات وفواكه ورائحة غريبة تصدر عن تلك الفرشات، وتكاد لا تخطو خطوة إلا وزاحمك آسيوي، لأن الطرق تغص بأجسادهم ولا يخلو شبر إلا ويحتله أحدهم. ويؤكد بعض أهالي المنطقة بأنهم يخشون من النزول في هذه الأسواق، وخصوصاً في الساعات المتأخرة من المساء وفي يوم الجمعة.
يعود رحمة ليكمل حديثه «وقعت حوادث كثيرة في هذه المنطقة بين الآسيويين أنفسهم، مما ضاعف من قلق الأهالي على أنفسهم وعلى أبنائهم، فسجلت المنطقة نزاعات بين آسيويين بالأدوات الحادة، وشهدت شخصياً حادث ضرب آسيوي بسكين على أنفه، وكأن المشهد يمثل في فيلم من الأفلام الهندية، إذ تتشاجر مجموعة، فيما تكتفي أخرى بمشاهدة الواقعة»!
نعم، فتلك الأزقة محرمة على البحرينيين، لأنها وبكل بساطة مستعمرة آسيوية بكل ما تحمل الكلمة من معان، ويكفي أن تلقي بنفسك في ذلك المجتمع، ويفضل أن تكون المغامرة في يوم الجمعة، حينها ستشعر بأنك وسط بومبي!
يقول رحمة: «نحن لسنا ضد وجود الآسيويين في المناطق، ولسنا ضد تكوين أسواق لهم أو سكنهم في منازل، فتلك نظرة غير إنسانية، ولكن للمناطق السكنية، وخصوصاً الأحياء القديمة خصوصية، ولكن بعد أن انتشر الآسيويون ورحل الأهالي، تغير طابع هذه المناطق ومظهرها، وباتت مستعمرات تحيط بالمناطق السكنية».
بيوت متهالكة...
ولا تقف الأمور عند هذا الحد، فليتها كانت - كما يقول رحمة - مشكلة الآسيويين والتجمعات، بل إن المشكلة تتعدى ذلك بكثير... خمور وأوكار دعارة وخربات تنشر الأمراض إلى البيوت المجاورة! ويشير رحمة إلى أن القاطنين بالقرب من بيوت الآسيويين بدأوا يشكون من انتشار دودة «بق الفراش»، موضحاً أن اللقاء الأخير بوزارة الصحة في مجلس بلدي العاصمة كشف لهم عن وجود نوعين من هذه الدودة وهي تنتشر بصورة سريعة إلى البيوت المجاورة.
ومن دون أي دليل على وجود هذه الدودة أو غيرها، فإن نظرة واحدة إلى هذه البيوت تكفي ليتأكد المرء من سوء الحال الذي يعيشه الآسيويون، فهم يقطنون بيوتاً متهالكة، وهي في غالبيتها بيوت آيلة إلى السقوط ولا تصلح للسكنى بحسب تقرير بلدية المنامة. والأكثر من ذلك أنها تحولت إلى مزابل وأوكار لانتشار الأوبئة، التي لا تقف بكل تأكيد عند دودة «بق الفراش»...
هي حال العاصمة القديمة، فالنعيم ليست لوحدها، فمعظم أحياء المنامة تحولت إلى مستعمرات يسكنها آسيويون في ظروف إنسانية قاسية... منهم من يسكن في غرف تغص بالأجساد البشرية، وآخرون يسكنون في أسطح المباني، وما إن تطلع الشمس حتى تؤذن في آذانهم بأن وقت النوم قد ولى، وليصدح طالب الأجر، ويمضون إلى أعمالهم الشاقة من الصباح حتى المساء، وكأننا عدنا مرة أخرى إلى زمن العبيد.
ولكن، هذه الصورة لا تنطبق على جميع الآسيويين، فهناك من حول الأحياء السكنية إلى أوكار دعارة وسكنى لمقارعة الخمور والمجون، وباتوا لا يعترفون بأي قانون، فلديهم كل ما يلزمهم، ولم يعودوا بحاجة إلى ما ينظمهم، لأنهم ينظمون حياتهم كيفما شاءوا... تغرب الشمس عن شارع صعصعة بن صوحان، وتغرب معها مظاهر الحياة الدخيلة مؤقتاً، فالضياء الذي يعتري، يعري معه كل شيء في الأزقة والطرق، مجرد محطة من الحياة اليومية والمعاناة الأبدية لأهالي النعيم، لأن الليل بسواده محطة أخرى أشد من محطة النهار، لأن الأوكار لا تعمل إلا في الليل حين تخمد الأن |