قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالسيد محسن الغريفي
 
الانتصار على الذات.... السيد محسن الغريفي
شبكة النعيم الثقافية - 2004/02/28 - [الزيارات : 8941]

الانتصار على الذات

 

 

العنوان الأكبر يوم عاشوراء

 

الانتصار على الذات كان العنوان الأكبر في يوم عاشوراء وكان العامل الأبرز الذي جعل ثلة قليلة تقف لتقارع جيشا مؤلفا من آلاف مؤلفة وهي لا تخشى الموت ولا تخاف القتل ولا تهاب السيوف وتبذل دمها وأرواحها رخيصة في سبيل نصرة الحق، وهي ترى ذلك قليلا في سبيل القضية والمبدأ الذي تؤمن به والذي تحركت من أجل حمايته والدفاع عنه.

 

هل يعني النصر على الذات هزيمتها؟

 

وعندما يتردد الحديث عن قضية الانتصار على الذات وأنها تشكل المحور الأساس لأي عملية نصر بالنسبة للإنسان في أي ميدان من الميادين، يبرز هنا سؤال كبير وهو هل أن النصر على الذات يعني بالضرورة هزيمة الذات؟ قد يكون المتبادر للأذهان لأول وهلة ذلك، وهو أمر طبيعي لان المقابل للنصر هو الهزيمة فالنصر على الذات يعني بالضرورة هزيمة لها ؟

 

وهنا يبرز هذا التساؤل الذي قد يثار بشكل اتهام يوجه إلى الفكر الديني ( في بعده التربوي والسياسي أيضا ) بأنه يُخضِع الذات ويجعلها خانعة ذليلة تعيش الهزيمة والانكسار في كل حركاتها بينما أن الثقافة الغربية تعطي للذات الامتداد الكبير في حركة الثقة بالنفس فتتحرك النفس بقوة أكبر في إطار من الشعور بالعزة والقوة الذي يُمَكِّنُها من أن تكون فاعلة لا منفعلة قادرة على العطاء محققة للمنجزات بينما يعيش المسلم في حالة صراع دائم مع الذات لتكون حركته مشلولة عن تحقيق أي إنجاز وفي حالة من القلق الدائم والهم المستمر.

 

 

وهكذا تُصوَّر الثقافة الدينية على أنها ثقافة الحجر والانغلاق والتعسف ومصادرة الحرية سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى الاجتماعي العام أو السياسي، ونجد حالة من التعامل المفرط الحساسية مع مفردات المنهج الإسلامي في أبعاده المختلفة وقد ينعكس حتى على مستوى العلاقات بين المجتمعات الإسلامية وغيرها، وقد تمارس الضغوط والتهديدات السياسية لأن بعض الدول الإسلامية تضطهد أفراد مجتمعها لأنها توجههم نحو الفضيلة وتحاول تجنيبهم مسالك الرذيلة.  

 

معيار النصر والهزيمة

 

متى تنتصر الذات ومتى تنهزم؟ البعض يعتقد بأن انتصار الذات هو عندما تستطيع أن تُخضٍع الإنسان ليستجيب لمطالبها و يلبي رغباتها ويمتثل لإرادتها، فهو أسير لها خاضع لإملاءاتها لا حول ولا قوة له أمام إرادتها، وتنهزم الذات عندما يستطيع الإنسان أن يرغم النفس على القبول بما يمليه عقله وأن يسيطر على كل مطامع النفس وأهوائها وأن لا يترك لها القياد مطلقا فيما تريد فهنا يكون قد انتصر على الذات.

 

بحسب الرؤية الإسلامية ليست القضية قضية نصر أو هزيمة وان تعنونت بهذا العنوان في نصوص عديدة لكنها تعبيرات تريد أن تصوّر الحالة التي قد يعيشها الإنسان، لكن الحقيقة أن الإسلام يرى أن الإنسان ليس مركبا من هذه الأمور (بالمعنى المتعارف للتركيب) وإنما هو كيان واحد والنصر والهزيمة هما بعدان يتحركان من خلال جوانب مشتركة ومتقاربة. 

 

وعندما تدرك النفس برؤية عميقة منطلقة من إدراك عقلي ثاقب مدار مصلحتها وجهات التأثير السلبي بالنسبة لها فترغب فيما فيه مصلحتها وتهفو وتطالب بما يحقق لها منافعها الحقيقية وتنفر من كل ما يسئ لها ويشكل عامل تراجع لها فإنها تكون حقيقة هي المنتصرة، والتعبير عنها بالمنهزمة تعبير يتضمن إشارات خاطئة لمفهوم النصر والهزيمة، يقلب المعادلة الحقيقية إلى مفهوم زائف للنصر والخسارة.

 

فالنفس التي ترغب في طريق الهدى وتنفر من الباطل وكل طرقه ونماذجه ليست نفسا منهزمة بل هي منتصرة لأنها استطاعت أن تكتشف المعدن الأصيل لها والجوهر الواقعي الفريد لها وما نوازعها السلبية وأهواؤها الباطلة إلا كغمام وكقشور تحجب عن النفس واقعها الأصيل.

 

وفي المقابل فإن من يعيش خنوعا وخضوعا لكل متطلبات نفسه مهما كانت دنيئة وفاسدة ويسلم لها القياد في كل أموره، فإنه لم ينهزم أمام نفسه بل هو ونفسه خاسران والنفس لم تنتصر بل هي مهزومة أيضا شر هزيمة عندما سمحت لقواها الصادقة والغنية أن تتوارى خلف رغبات آنية زائفة وخادعة.

 

ومن هنا فإن الادعاء بأن النفس عندما تلبّى لها طلباتها ورغباتها، فإن الإنسان يعيش حالة من الراحة والطمأنينة وينطلق بثقة واقتدار، مجرد ادعاء لا يملك من مقوّمات الحقيقة شيئا، بل أننا نجد أن العكس هو الصحيح، فإن المسلم عندما يتعاطى مع رغباته وشهواته ومختلف متطلباته الجسدية أو الروحية من منطلق التقييم للحاجات الحقيقية للفرد، فإنه يعيش ثقة أكبر بنفسه، لأنه يدرك أي أرض يقف عليها، وأي اتجاه يتجه، وهكذا تصبح القضية أن الذات تكبر وتشعر بالعزة لأنها لا تخضع لابتذالات دنيئة وإنما هي عزة النفس عندما تسمو على الصغائر، وتتطلع إلى الأعلى وتتقدم إلى الأمام دائما. 

 

النصر والهزيمة في عاشوراء الحسين

 

ومن هنا ندرك حقيقة مهمة ودرسا مهما تعطينا إياه كربلاء وهو أن الإقدام والفداء والتضحية ليست أمورا بعيدة عن جوهر النفس وحقيقتها، بل هي أرقى أنواع الثقة بالنفس والعزة للنفس، وهذه النفس التي ترضى بأن يسفك الدم لتتوقف الحياة تكبر على حقيقة الحياة الدنيوية القصيرة لأنها تؤمن بخلودها في حياة لا يمكن لدقائق الدنيا المعدودة أن تقارن بمدى اتساعها وعظمتها.

 

إنه الدرس الكبير الذي تعلّمه كربلاء لكل الإنسانية، التي تعيش معذّبة على طول التاريخ أن طريق العزة والكرامة والسمو والرفعة للنفس هو طريق الحق والفضيلة والصلاح، وأن أي مبدأ آخر أو منهج آخر لا يمكن أن يحقق للنفس هذا الشعور بالعزة والكرامة مهما بدت عناوينه برّاقة وجذاّبة، لأنه الوهم الذي يسوّق لنا لنشتريه بأغلى الأثمان، وتكون الخسارة حينئذ مضاعفة ومريرة.

 

 

محسن الغريفي

 

محرم الحرام 1425هـ

 

 

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م